«الإفتاء»: التشاؤم من شهر صفر من خرافات الجاهلية ولا أصل له في الإسلام

كتب- أحمد عادل
أكدت دار الإفتاء المصرية أن التشاؤم من شهر صفر أو غيره من الشهور لا يستند إلى أي دليل شرعي، بل يُعد من الخرافات التي نهى عنها الإسلام، مشيرة إلى أن هذا النوع من الاعتقاد يُعد من قبيل “التطير” الذي جاء الإسلام ليبطله بشكل قاطع.
جاء ذلك في بيان رسمي صدر عن الدار عبر موقعها الإلكتروني، ردًا على سؤال حول الحكم الشرعي في التشاؤم ببعض الشهور، وتحديدًا شهر صفر، الذي يعتبره البعض شهرًا مشؤومًا يحمل النحس والمصاعب.
وقالت دار الإفتاء إن الاعتقاد بأن شهرًا ما – كصفر – يجلب الشؤم أو يرتبط بالفتن والابتلاءات، يُعد من بقايا المعتقدات الجاهلية، ولا علاقة له بالإسلام، مؤكدة أن الشريعة الإسلامية جاءت لتحرير الناس من هذه الأفكار الباطلة.
واستشهدت الدار بحديث النبي محمد صلى الله عليه وسلم، الوارد في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه: «لا عدوى ولا صفر ولا هامة»، وفي رواية أخرى عند البخاري: «لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صفر»، موضحة أن الحديث الشريف ينهى عن الاعتقاد بتأثير الأزمنة أو الكائنات في مجريات الأمور، وينفي وجود ما يُعرف بـ”النحس” المرتبط بالشهور أو الأيام.
كما أوردت الدار رأي العلماء في تفسير هذا الحديث، فنقلت عن الإمام ابن عبد البر القرطبي في كتابه “الاستذكار” أن بعض أهل العلم رأوا أن المقصود بـ”صفر” في الحديث نوع من الأمراض كان الناس يظنون أنه قاتل، فنفى النبي صلى الله عليه وسلم هذا الزعم. بينما رأى آخرون أن المقصود هو الشهر نفسه، إذ كان أهل الجاهلية يعتبرونه مشؤومًا، وكانوا يغيرون ترتيب الشهور فيه بحسب أهوائهم، فجاء الإسلام ليبطل هذه البدع.
وشددت دار الإفتاء على أن التشاؤم من الشهور أو الأيام لا يمت للدين بصلة، وأن المسلم لا يجوز له أن يربط بين الزمن والمصائب، لأن الأمور تجري بقدر الله، والزمن لا يملك النفع ولا الضرر.
وفي سياق متصل، تلقت دار الإفتاء سؤالًا آخر حول الحكم الشرعي في سب الأيام أو استخدام عبارات مثل “كله زفت” عند التعبير عن الضيق أو الغضب. وأجاب الدكتور أحمد ممدوح، أمين الفتوى بدار الإفتاء، موضحًا أن الأمر يتوقف على نية القائل. فإذا كان يقصد الزمن نفسه، فقد وقع في أمر منهي عنه شرعًا، لأن الله تعالى هو خالق الزمان، وسب الزمان يتضمن اعتراضًا على قضاء الله. أما إذا كان القصد من العبارة هو ما يحدث في الزمان أو أحوال الناس، فلا يُعد ذلك من باب سب الدهر بالمعنى الشرعي.
وأوضح ممدوح أن المسلم مطالب دائمًا بضبط لسانه، والابتعاد عن العبارات الجارحة أو المسيئة، مستشهدًا بقول النبي صلى الله عليه وسلم: “ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش ولا البذيء”، داعيًا إلى التحلي بالصبر والكلمة الطيبة حتى في أوقات الضيق والانفعال.
واختتمت دار الإفتاء بيانها بالتأكيد على أن الإسلام دين يدعو إلى التفاؤل وحسن الظن بالله، وينهى عن التشاؤم أو الاعتقاد بالخرافات، خاصة تلك التي ارتبطت بزمن أو مكان، فكل يوم هو من خلق الله، ولا يحمل في ذاته شرًا أو ضررًا.