إسرائيل تتبنى سياسة الأرض المحروقة.. اعترافات بتطهير عرقي في شمال غزة
كتب- أحمد عادل
اعترف العميد إيتسيك كوهين، الضابط البارز في الجيش الإسرائيلي، بأن إسرائيل تقوم بتنفيذ عمليات تطهير عرقي في شمال قطاع غزة. جاءت هذه التصريحات خلال مؤتمر مغلق مع الصحفيين الإسرائيليين، والتي نقلتها صحيفة “الغارديان” البريطانية. حيث أشار كوهين إلى أن الجيش الإسرائيلي يقترب من “الإخلاء الكامل” لمدن جباليا، وبيت حانون، وبيت لاهيا، وهي مناطق تعرضت لقصف مكثف منذ اندلاع الحرب في أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
وقال كوهين في حديثه: “لا نية للسماح لسكان شمال غزة بالعودة إلى منازلهم”، في إشارة إلى الأوامر التي تلقاها لتنفيذ خطة “إخلاء” كاملة للمناطق التي تعرضت للقصف، مشيرًا إلى أن أوامره تقضي بـ”إنشاء مساحة نظيفة”.
وفي تصريح آخر أدلى به الأسبوع الماضي، أشار وزير الدفاع الإسرائيلي المقال، يوآف غالانت، إلى أن استمرار الحرب في غزة لم يعد يحمل أي مبرر عسكري. وأوضح غالانت في حديثه مع عائلات الرهائن الإسرائيليين المحتجزين في غزة: “لقد تم تحقيق الأهداف الرئيسية، وأخشى أن نبقى هناك فقط لرغبة سياسية في البقاء”. كانت هذه التصريحات بمثابة تلميح إلى أن العملية العسكرية الإسرائيلية قد تجاوزت أهدافها الأولى، ولا مبرر لها سوى تحقيق أهداف سياسية.
ورغم أن الجيش الإسرائيلي حاول التراجع عن تصريحات كوهين، مؤكدًا أنها قد “أُخرجت من سياقها”، فإن الواقع على الأرض يبدو مطابقًا لتلك التصريحات. إذ يتعرض عشرات الآلاف من المدنيين الفلسطينيين في شمال غزة لعمليات إخلاء قسري من منازلهم تحت وطأة القصف المستمر والغارات الجوية، مما يعكس تنفيذ أوامر الجيش الإسرائيلية بشكل عملي.
وتبرر إسرائيل هذه العمليات العسكرية في شمال غزة من خلال مزاعم تتعلق بمواجهة تهديدات حماس، التي تعتبرها الحكومة الإسرائيلية قوة عسكرية تهدد الأمن القومي. ولكن وفقًا لتقارير نشرتها صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية، فإن الهدف الحقيقي للعملية العسكرية هو “الاحتلال” وإعادة بناء المستوطنات الإسرائيلية في شمال قطاع غزة، وهو ما يلقى دعمًا متزايدًا في الأوساط اليمينية الإسرائيلية. هذه الأوساط ترى أن السيطرة على المزيد من الأراضي الفلسطينية جزء من استراتيجيتهم طويلة الأمد لتحقيق أهداف سياسية وأيديولوجية.
يبدو أن التحركات الإسرائيلية الحالية قد تهدف إلى تغيير الوضع السكاني في شمال غزة بما يتناسب مع الأهداف الإسرائيلية، وهو ما يعكس التوجهات السياسية التي تدعو إلى إنشاء “منطقة عازلة” وتوسيع المستوطنات في الأراضي المحتلة. وتثير هذه السياسات مخاوف من تفاقم الأزمة الإنسانية في القطاع الذي يعاني من حصار خانق منذ سنوات، ما يضع مزيدًا من الضغوط على السكان المحليين الذين يُجبرون على النزوح القسري.